إسرائيل- رأس حربة الغرب لزعزعة استقرار الشرق الأوسط
المؤلف: محمد مفتي09.04.2025

على الرغم من تباين وجهات النظر والأهداف بين السياسة الإسرائيلية ونظيرتها لدى الدول الغربية الحليفة، إلا أن هناك مؤشرات جلية تدل بوضوح على أن إسرائيل تمثل مسمارًا حادًا مغروسًا في خاصرة منطقة الشرق الأوسط. إنها الأداة التي يمكن من خلالها تحقيق غايات الأجندة الغربية وتحويلها إلى واقع سياسي ملموس، وفرضه بقوة على دول المنطقة. لقد تلاقت المصالح الغربية مع الطموحات الإسرائيلية الجامحة في التوسع الإقليمي، وذلك من خلال الاستيلاء على المزيد من الأراضي المحتلة وتهجير الفلسطينيين قسرًا. وما الانتقادات الخافتة التي تصدر عن بعض الدول الغربية تجاه بعض السياسات الإسرائيلية، لاسيما في أعقاب أحداث غزة الأخيرة، إلا محاولة لتضليل الرأي العام، والتظاهر بأنها غير راضية، بشكل طفيف، عن الممارسات الإسرائيلية أمام حلفائها في الشرق الأوسط.
لقد شهدنا العديد من الأحداث التي استُخدمت فيها إسرائيل كرأس حربة لضرب استقرار بعض دول الشرق الأوسط، أو لتحقيق أهداف غربية ترمي إلى ممارسة ضغوط سياسية معينة على دول المنطقة. وبالنظر إلى الصراع الأخير بين إيران وإسرائيل، نجد أن الإدارة الأمريكية قد أعربت، بشكل غير مباشر، عن تأييدها للضربات التي وجهتها إسرائيل ضد إيران. ولعل تصريحات المسؤولين في الإدارة الأمريكية، التي تفيد بأن إسرائيل استخدمت الطائرات والذخائر الأمريكية الصنع، هي أوضح دليل على أن الهجمات الإسرائيلية تحظى بدعم أمريكي خفي.
علاوة على ذلك، فإن تصريحات بعض رؤساء الدول الغربية وتلميحاتهم، عقب قيام إسرائيل بضرباتها، بأن امتلاك إيران للسلاح النووي أمر غير مقبول، تعد إشارة واضحة لإلقاء اللوم على الجانب الإيراني، وتمثل في الوقت نفسه دعمًا غير مباشر للعملية الإسرائيلية. وهو الأمر الذي شجع حكومة نتنياهو على التصريح بأن أمامها الكثير لإنجاز مهمتها في إيران، وأن القادم أسوأ من كل ما سبق. إن خوض إسرائيل للحروب على جبهات متعددة في سوريا وإيران واليمن ولبنان وغزة يستنزف يوميًا كميات هائلة من الذخائر الإسرائيلية الأمريكية الصنع. ومن الصعب للغاية تصور عدم قيام الإدارة الأمريكية بتعويض النقص الناجم عن استخدام إسرائيل لهذه الذخائر.
يبدو أن إسرائيل، من خلال ضرباتها للمنشآت النووية الإيرانية، أرادت استنساخ تجربة مناحم بيجن عام 1981، عندما قام بتدمير المفاعل النووي العراقي. بيد أن المتغيرات التي أحاطت بالعراق آنذاك تختلف اختلافًا جوهريًا عن الظروف المحيطة بإيران حاليًا. فالعراق كان آنذاك في حالة حرب شاملة مع النظام الإيراني، وفتح جبهات إضافية مع إسرائيل كان يعني تلقيه المزيد من الضربات العسكرية التي قد تدمر بعض قدرات الجيش العراقي، الذي كان في أمس الحاجة إليها في مواجهة إيران. أما إيران الآن، فهي ليست في حالة حرب، ولديها القدرة على استنزاف إسرائيل أو أي قوى أخرى تشتبك معها بشكل مباشر. إضافة إلى ذلك، فإن الخبرة المتراكمة لدى إيران على مدى عقود في المجال النووي قد تدفعها لإعادة بناء ما تم تدميره، حتى لو استغرق الأمر بعض الوقت.
مم لا شك فيه، أن امتلاك إيران للسلاح النووي يمثل مصدر قلق بالغ للعديد من الدول، بما في ذلك بعض دول المنطقة. فالسلاح النووي، بالإضافة إلى القدرات المتنامية في مجال الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، يحول المنطقة إلى برميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة. وتكمن خطورة الحرب بين إسرائيل وإيران في البعد الجغرافي الشاسع بينهما. فلكي تصل الطائرات الحربية الإسرائيلية إلى العمق الإيراني، عليها اختراق المجال الجوي لدول أخرى في المنطقة. والأمر ذاته ينطبق على الصواريخ الباليستية الإيرانية؛ حيث يتعين عليها اختراق المجال الجوي لهذه الدول، وهو ما يمثل انتهاكًا صارخًا لسيادة تلك الدول ويجعلها دومًا في حالة تأهب قصوى.
على الرغم من الجهود الدولية الحثيثة لتخفيف حدة الصراع وإنهاء الحرب بين إيران وإسرائيل، إلا أن إسرائيل تصر بإصرار على أن لديها قائمة طويلة من الأهداف يجب أن تنجزها قبل أن تعلن نهاية الحرب. وهو ما يمثل تحديًا صارخًا للمجتمع الدولي ويزيد من احتمال انزلاق دول أخرى إلى دائرة المواجهة. وفي هذا السياق، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستدافع عن إسرائيل إذا تعرضت للخطر، وكأنها بذلك تعطي الضوء الأخضر لها للاستمرار في الحرب. كما يتصاعد القلق الدولي بشكل ملحوظ جراء التحذيرات التي تطلقها إيران بشأن إغلاق مضيق هرمز، وهو أمر، إن حدث بالفعل، سيعني أن دولًا غربية ستنزلق أيضًا إلى دائرة المواجهة.
من يظن أن الحروب في المنطقة قد بدأت منذ السابع من أكتوبر، فهو مخطئ تمامًا. فمنذ نشأة إسرائيل عام 1948، تحولت المنطقة إلى ساحة صراع دائمة. فحروب إسرائيل مع جيرانها لا تنتهي أبدًا بسبب استفزازاتها المتواصلة وتدخلها السافر في شؤون دول المنطقة، انطلاقًا من رغبتها الجامحة في تقويض القدرات العسكرية لدول المنطقة، لكي تنفرد بالقوة المطلقة. وستظل المنطقة مسرحًا للصراعات والأزمات طالما أن إسرائيل تحظى بتشجيع ودعم غير محدودين من الدول الغربية.
لقد شهدنا العديد من الأحداث التي استُخدمت فيها إسرائيل كرأس حربة لضرب استقرار بعض دول الشرق الأوسط، أو لتحقيق أهداف غربية ترمي إلى ممارسة ضغوط سياسية معينة على دول المنطقة. وبالنظر إلى الصراع الأخير بين إيران وإسرائيل، نجد أن الإدارة الأمريكية قد أعربت، بشكل غير مباشر، عن تأييدها للضربات التي وجهتها إسرائيل ضد إيران. ولعل تصريحات المسؤولين في الإدارة الأمريكية، التي تفيد بأن إسرائيل استخدمت الطائرات والذخائر الأمريكية الصنع، هي أوضح دليل على أن الهجمات الإسرائيلية تحظى بدعم أمريكي خفي.
علاوة على ذلك، فإن تصريحات بعض رؤساء الدول الغربية وتلميحاتهم، عقب قيام إسرائيل بضرباتها، بأن امتلاك إيران للسلاح النووي أمر غير مقبول، تعد إشارة واضحة لإلقاء اللوم على الجانب الإيراني، وتمثل في الوقت نفسه دعمًا غير مباشر للعملية الإسرائيلية. وهو الأمر الذي شجع حكومة نتنياهو على التصريح بأن أمامها الكثير لإنجاز مهمتها في إيران، وأن القادم أسوأ من كل ما سبق. إن خوض إسرائيل للحروب على جبهات متعددة في سوريا وإيران واليمن ولبنان وغزة يستنزف يوميًا كميات هائلة من الذخائر الإسرائيلية الأمريكية الصنع. ومن الصعب للغاية تصور عدم قيام الإدارة الأمريكية بتعويض النقص الناجم عن استخدام إسرائيل لهذه الذخائر.
يبدو أن إسرائيل، من خلال ضرباتها للمنشآت النووية الإيرانية، أرادت استنساخ تجربة مناحم بيجن عام 1981، عندما قام بتدمير المفاعل النووي العراقي. بيد أن المتغيرات التي أحاطت بالعراق آنذاك تختلف اختلافًا جوهريًا عن الظروف المحيطة بإيران حاليًا. فالعراق كان آنذاك في حالة حرب شاملة مع النظام الإيراني، وفتح جبهات إضافية مع إسرائيل كان يعني تلقيه المزيد من الضربات العسكرية التي قد تدمر بعض قدرات الجيش العراقي، الذي كان في أمس الحاجة إليها في مواجهة إيران. أما إيران الآن، فهي ليست في حالة حرب، ولديها القدرة على استنزاف إسرائيل أو أي قوى أخرى تشتبك معها بشكل مباشر. إضافة إلى ذلك، فإن الخبرة المتراكمة لدى إيران على مدى عقود في المجال النووي قد تدفعها لإعادة بناء ما تم تدميره، حتى لو استغرق الأمر بعض الوقت.
مم لا شك فيه، أن امتلاك إيران للسلاح النووي يمثل مصدر قلق بالغ للعديد من الدول، بما في ذلك بعض دول المنطقة. فالسلاح النووي، بالإضافة إلى القدرات المتنامية في مجال الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، يحول المنطقة إلى برميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة. وتكمن خطورة الحرب بين إسرائيل وإيران في البعد الجغرافي الشاسع بينهما. فلكي تصل الطائرات الحربية الإسرائيلية إلى العمق الإيراني، عليها اختراق المجال الجوي لدول أخرى في المنطقة. والأمر ذاته ينطبق على الصواريخ الباليستية الإيرانية؛ حيث يتعين عليها اختراق المجال الجوي لهذه الدول، وهو ما يمثل انتهاكًا صارخًا لسيادة تلك الدول ويجعلها دومًا في حالة تأهب قصوى.
على الرغم من الجهود الدولية الحثيثة لتخفيف حدة الصراع وإنهاء الحرب بين إيران وإسرائيل، إلا أن إسرائيل تصر بإصرار على أن لديها قائمة طويلة من الأهداف يجب أن تنجزها قبل أن تعلن نهاية الحرب. وهو ما يمثل تحديًا صارخًا للمجتمع الدولي ويزيد من احتمال انزلاق دول أخرى إلى دائرة المواجهة. وفي هذا السياق، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستدافع عن إسرائيل إذا تعرضت للخطر، وكأنها بذلك تعطي الضوء الأخضر لها للاستمرار في الحرب. كما يتصاعد القلق الدولي بشكل ملحوظ جراء التحذيرات التي تطلقها إيران بشأن إغلاق مضيق هرمز، وهو أمر، إن حدث بالفعل، سيعني أن دولًا غربية ستنزلق أيضًا إلى دائرة المواجهة.
من يظن أن الحروب في المنطقة قد بدأت منذ السابع من أكتوبر، فهو مخطئ تمامًا. فمنذ نشأة إسرائيل عام 1948، تحولت المنطقة إلى ساحة صراع دائمة. فحروب إسرائيل مع جيرانها لا تنتهي أبدًا بسبب استفزازاتها المتواصلة وتدخلها السافر في شؤون دول المنطقة، انطلاقًا من رغبتها الجامحة في تقويض القدرات العسكرية لدول المنطقة، لكي تنفرد بالقوة المطلقة. وستظل المنطقة مسرحًا للصراعات والأزمات طالما أن إسرائيل تحظى بتشجيع ودعم غير محدودين من الدول الغربية.